الاثنين، 3 يناير 2011

تجربة بيل. و

 

" كانت لدى مواعيد مع الطبيب لمعرفة لماذا أصبحت في السنوات الثلاث الأخيرة لا أستطيع أن أمشي لمسافات طويلة إلا و أغرق في النوم بعدها، ولماذا يتعبني أي جهد بدني ؟. وبعد إجراء الاختبارات اندهش الطبيب في كوني ما زلت على قيد الحياة فقد وجد أن 85% من أحد الشرايين بقلبي مسدود و95 % لشريان رئيسي آخر متصلب أيضا. وبينما أنا مستلق على الطاولة أخبرني الطبيب بألا أقف على قدمي حيث أنه غير مسؤول عن ما سيحدث لي إذا ما وقفت!. لأن كل المؤشرات كانت تقول للطبيب بأنني في عداد الأموات أو أنني سأموت قريبا جدا. ولخطورة حالتي حدد لي الطبيب عملية جراحية عاجلة برمجها لصباح اليوم الموالي. قبل العملية الجراحية التي أجريت يوم 3 أفريل 2000، أتت صديقتي ومعها أبنائي لرؤيتي. طلبت منى ابنتي الصغيرة أن ألوّح لها بيدي وهى تقف بموقف السيارات بعدما عرفت موقع حجرتي. أعطتني الممرضة شيئا جعلني أفقد الوعي في الحال، لذلك لم أستطع أن ألقي تحية الوداع لأطفالي. وهذا الشعور بالذنب أحسست به في تجربتي في الإقتراب من الموت.
عندما مت في غرفة العمليات للمرة الأولي، لم أكن أدرك بأنني ميت. لم يكن هناك إحساس بأنني خارج الجسد، و لم أعبر أو أشاهد لا أنفاق، لا نور و لا أرواح أو كائنات، لا شيء من كل ذلك. كنت خارج جسدي وفجأة وجدت نفسي في أجمل مكان رأيته في حياتي. لا يمكن رؤية النور هناك. كانت المشاعر متداخلة مع بعضها البعض وتغمر جسدي في الحال. كانت التجربة مكثفة جدا، من الصعب إيضاحها. لم تتتابع أحداثها بترتيب منطقي، فكل شئ تغلفه العاطفة. الكلمات لا تنفع في الوصف، ولكنني سأفعل ما بوسعي لأنقل ما حدث. كانت الحواس متحفزة ونشطة، ليس كما في الحياة العادية. وعلى الرغم من أنني "أحسست" بالتجربة، إلا أنني أستطيع أن أصفها أفضل كما ولو أني رأيتها!.

كان العشب مخضرا جدا إلى درجة أن رؤيته آلمت عينيّ. كان الإحساس رائعا! أستطيع أن أتذوق العشب بالإحساس به، طعمه كالبطيخ، المشي على العشب كان ممتعا-كان شعورا يصعب تصديقه. أفضل طريقة أستطيع وصفه بها هي " يا إلهي ووااوو"  حاسة الشم لم تكن من الأنف. كانت وكأنها تخترق عظمة الفك تحت عينيّ، كأنني أشمّ من خلال الجيوب الأنفية. مقياس "النظر"لم يكن لديّ 360  درجة كمعظم الناس و أعتقد أن ذلك يعود لتركيزي في رؤية العشب هناك وأشياء أخرى كانت قريبة جدا وجذبت اهتمامي بسرعة. أفضل وصف يمكنني قوله ليكون مناسبا لتلك الأشياء هو وكأنني كنت في غرفة من الطين.هذا مكان من المنزل ولكنه ليس المنزل، وكما أنه ليس خارج المنزل أيضا. إنه الوسط ، منطقة مواصلات مزدحمة حيث يتخلص الضيوف من أحذيتهم لينتقلوا إلى المنزل.

ثلاثة أنوار صفراء بدأت أمامي. أتت لي من الجانب الأيسر من شجرة صنوبر ذات إخضرار كثيف لا يمكن تصوره ( كلون الشجر في فصل الصيف مع نور ينبعث منه) . لقد أحسست باللون الأصفر وتذوقت طعم الليمون. ليس أصفرا كالموز، ولكنه أكثر من الإحساس بالأصفر.شئ أشبه بشعلة ترقص أعلى شمعة أثناء عشاء رومانسي، وأيضا كإحساس ضوء شمس أصفر دافئ. في الحقيقة أنا لم أراهم، ولكنني عرفت بأنهم هناك. لم يكن في مقدوري مناداة الموجودات، الملائكة أو الشياطين. كان حضورهم محسوسا، كان حضورهم أشبه بشحنة بطارية كامنة، كانت هناك طاقة ما. لم أكن أسمع بأذني بل من وسط رأسي، بالقرب من خلف أذني. كان الوجود على يميني يتصل معي بواسطة التخاطر. الإتصال لم يكن بالكلمات كما هو معمول به في الحياة. ذلك الكائن النوراني أوصل إليّ إحساسا بمعنى" يمكنك أن تبقي إذا أردت، أو يمكنك العودة، ولكن إذا عدت عليك أن تفعل شيئا". علمت أن علىّ العودة لسبب ما. هذا السبب هو أنني لم "أفعل شيئا " حتى الآن، وليس لأن علىّ أن أفعل شيئا. يصعب شرح هذا، ولكنه أشبه بأن تكون رئيسا، وأن شيئا ما يجب أن يتم، ولكن من سيقوم به؟ إخترت أن أعود لأنهي عدة مهمات. جزء من قرار العودة كان متعلقا بأطفالي. وكما كنت سعيدا بأن أكون هناك، فقد كان شعور الحزن يتملكنى بصورة لا إرادية. تذكرت بأنني لم أقل وداعا لأطفالي. أردت أن أعود لأقول "وداعا" .

عدت بعد ذلك إلى جسدي. و كان بإستطاعتي أن أرى أحد ضلوعي منقسما، سمعت أحدهم يتأوه. رأيت آلة لشفط الدم من صدري. أحسست وكأن ساقي الأيسر ورجلي بهما نار حيث كانت قد أخذت بعض عروقهما لإستخدامهما في جراحة القلب. أحسست بضغط على قلبي. إستطعت التنفس، و لكن هذا كان يؤلمني! "بووووب" أنت تعود إلى الجانب الآخر قلت في قرارة نفسي و هذا ما حدث حيث رجعت الى العالم الآخر ( ليس الحياة ) و مرة أخرى لم يكن هناك أنفاق أو أرواح. فقط "بووووب" وكنت هناك. وعلى كل كانت تلك المرة مختلفة. بالرغم من أن 90% منى كان هناك، كان هناك إحساسا بأنني لست هناك.كانت التجربة تقريبا مشابهة للمرة الأولي، ولكنها أقل تركيزا بنسبة 10% عن المرة الأولى. في المرة الثانية لم تكن هناك تحية لي في الباب، ولم أذهب لحجرة الطين.

أحسست ببهجة عارمة وأنا أتعرف على ميمي، جدتي. كانت تبدو كما في صورها التي أحتفظ بها و كانت ألتقطت لها قبل زواجها. كانت شابة، في صحة جيدة ومتحركة. كانت دوما شيئا خاصا بالنسبة لي، كانت الشخص الوحيد الذي أحبني لشخصي فقط. أول شئ حدث معي هو السؤال :" لماذا أنا هنا؟ " ميمي كانت متدينة لدرجة عالية، بينما أنا لم أكن كذلك. تساءلت لماذا نحن في نفس المكان؟. إتصلت ميمي بيّ قائلة " بيلي لا يمكنك أن تأتي. لا يمكنك أن تبقي، عليك أن تعود". رفضت لأنه من المؤلم جدا أن أكون في جسدي. أخبرتني بأنها ستعود معي، ولكن لا يمكن أن أظل هنا. أردت أن أحتضنها، ولكن ذلك لم يكن ممكنا. لقد كانت في ما يشبه فقاعة صابون كبيرة. إستطعت أن أحس بحضنها لي مع أنى كنت مدركا بأنها لم تحتضنني. إنه أشبه بأن نقول أن الإحتضان كان ماديا بنسبة 10%، و90% شيئا آخر.

لدهشتي عدت إلى جسدي من غير أن يؤلمني ذلك التحول. ما رأيته في غرفة العمليات كان نورا فوق أضواء الغرفة. نورا أكثر لمعانا ممن حوله من الأنوار. عرفت أنها جدتي ميمي. لقد جعلت يدي ترتفع وتضرب الطبيب و سمعت عبارة" لقد عاد ". وواصلوا جهودهم بسرعة ليعيدوني إلى الحياة. لقد أوقفت ميمي الألم كما كانت تفعل دوما معي. وكنت مدركا بأنها تبتسم لي. علاجي كان صعبا جدا. كنت مكتئبا. كل ما رأيته إنسان ممزق. فمن جانب أنا لا أريد أن أبقي هنا، ومن جانب آخر أردت أن أبقى مع أطفالي الذين كانوا في حاجة لي.

 

العائدون الموت العائدون من العالم الآخر العودة من الموت الموت العائدون الموت العائدون من العالم الآخر العودة من الموت الموت العائدون الموت العائدون من العالم الآخر العودة من الموت الموت العائدون الموت العائدون من العالم الآخر العودة من الموت الموت العائدون الموت العائدون من العالم الآخر العودة من الموت الموت العائدون الموت العائدون من العالم الآخر العودة من الموت الموت العائدون الموت العائدون من العالم الآخر العودة من الموت الموت العائدون الموت العائدون من العالم الآخر العودة من الموت الموت العائدون الموت العائدون من العالم الآخر العودة من الموت الموت


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق